نهاية اللايبور
اقترب العام 2021 معلناً نهاية اللايبور LIBOR واستبداله بمؤشرات أخرى، وما يعنيه ذلك من تغير كبير في الأسواق المالية باعتباره مؤشرا ماليا مهما للمقارنة Reference Rate، وقد كان جزءا مهما من النظام المالي الدولي ولعقود طويلة. ولسعة انتشاره، فإن عملية التحول الى مؤشرات بديلة تحتاج الى عناية جديدة نظرا لما قد تشكله من تأثير على الاقتصاد العالمي، وإن كان أثرها على منطقتنا بشكل عام أقل من المناطق الأخرى من العالم.
قامت العديد من البلدان والمناطق بوضع مؤشرات جديدة سواء أميركا SOFR أو الاتحاد الأوروبي ESTR، بريطانيا SONIA، سويسرا SARON، اليابان TONA، وضمن جداول زمنية محددة للتطبيق. إلا أن الاختلاف بالأساليب وأوقات التطبيق بين هذه المناطق يحتاج الى برامج منسقة لنشاطات التطبيق وبشكل متوائم. وتعتمد المؤشرات الجديدة على نسب فعلية، وتراعي هذه المؤشرات نواحي مهمة كتدعيم الحوكمة وعلاج تضارب المصالح.
فيما يتعلق بالبنوك، وحيث إن الأثر سيكون مادياً فإن التخطيط لهذا الانتقال يجب أن يبدأ مع وضع استراتيجية شاملة لذلك؛ حيث ستتأثر أسواق رأس المال، الإقراض التجاري، تمويل التجزئة، إدارة الثروات، قطاع التأمين، عمليات الاستثمار والخزينة والتعامل مع البنوك الأخرى. وحيث ما يزال هناك عدم وضوح لبعض التفاصيل الفنية النهائية للمؤشرات التي سيتم تطبيقها، فإنه من الضروري التحضير لسيناريوهات مختلفة وتكوين فهم واضح للتأثير ضمن كل سيناريو. وتحتاج الى تحديد الأولويات والتعديلات المطلوبة، وذلك ضمن فترة محدودة للانتقال.
متوقع من البنوك البدء بتقييم الأثر على عملياتها ونتائج أعمالها، خطوط الأعمال التي ستتأثر ومنتجاتها، عملائها، والتحضير وتنفيذ عمليات التحول، ومن ضمنها إدارة العقود والتعامل مع العقود القائمة وإيجاد العقود التي يجب تعديلها ومن ثم القيام بذلك، علما أن بعض البنوك والمؤسسات التي تتعامل بحجم كبير من العقود تستخدم أدوات الذكاء الاصطناعي لغايات التعرف على هذه العقود. ومن المتوقع أن يشمل التأثير كل إدارات البنوك سواء إدارات الأعمال والمبيعات، العمليات، إدارة المخاطر، الخزينة، الامتثال والقانونية.
سيكون هناك تعديل كبير في عمليات التوثيق القانوني، تقييم الضمانات، النماذج الرياضية المستخدمة والمنحنيات وأدوات إدارة الموجودات والمطلوبات والتسعير والربحية، خاصة تلك البنوك والمؤسسات التي تستخدم أدوات ومنهجيات متقدمة لذلك وأي احتسابات تستخدم اللايبور في مكوناتها، وما سيؤدي أيضاً الى تعديل على العمليات المحاسبية والتسويات المطلوبة، وأساليب التحوط المختلفة، والمعالجات الضريبية اللازمة، وكذلك إعداد الإفصاحات المطلوبة.
أهم التحديات التي تواجه عملية التحول تتمثل بالمخاطر القانونية وعدم الامتثال؛ حيث إن البنوك تعمل ضمن بيئة محكومة رقابيا وتشريعيا، وستتأثر أيضا اتفاقيات دولية تعقدها عادة البنوك لدعم تعاملاتها الدولية، وقد تحتاج البنوك لموارد واستشارات قانونية متخصصة لمساعدتها على تجاوز هذه المتطلبات القانونية وعمل التعديلات اللازمة وبالتالي تخفيف المخاطر عليهم. ومن المهم إدارة المخاطر التي تحيط بهذه المرحلة وما يترتب عليها من تعديل بمختلف الأنظمة الآلية والنماذج الرياضية المستخدمة، العقود التي تتأثر وحجمها، إضافة لعمليات التسعير ونماذج الاختبارات الضاغطة لتقليل مخاطر الائتمان والسوق، وسيؤدي كل ذلك أيضاً الى مخاطر تشغيلية مختلفة يجدر التعامل معها، ومواجهة أي مخاطر للسمعة قد تتعرض لها البنوك وما قد يعرضها لغرامات ومصاريف قانونية.
من الضروري بناء بنية تحتية تكنولوجية من أنظمة مختلفة قد تحتاج الى تعديل واختبار، وأن يتم تعديل العمليات بين الخطوط الأمامية والخلفية والمتوسطة، والتدريب على هذه التعديلات وما يتبع ذلك من إعداد للتقارير الرقابية المطلوبة قبل نهاية 2021.
نظرا للتأثيرات الرقابية والتشريعية التي تمس البنوك لدى التطبيق، فإنه من الضروري التواصل مع الجهات الرقابية المختلفة والتباحث معهم وبما يتواءم مع طريقة التعامل دوليا مع هذا التغيير ومع محددات الصناعة المصرفية، ومن الضروري أيضا أن يكون هناك تواصل فعال مع العملاء الذين سيتأثرون بعد تحديدهم وعمل توعية لهم بهذا الخصوص وفقاً لاستراتيجية محددة، وهنا أيضاً أحيانا يتم استخدام ما يسمى بالروبوتيك للتواصل مع العملاء لدى البنوك والمؤسسات الكبيرة. وأيضاً من المهم التواصل مع الموظفين وشرحها لهم كونهم من سيتعاملون مع العملاء.
نهاية، فإن الفترة المتبقية محدودة، ومن الضروري جداً بدء العمل والتحضير لهذا التعديل الجوهري والمهم.
اعداد: السيد محمد جميل عزم حمد / خبير مخاطر/ احد مؤسسي منتدى خبراء المخاطر وعضو الهيئة الادارية
Leave A Comment